the boss عضوى مساهم
عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 01/04/2012 الموقع : ارض الله الواسعة
| موضوع: قصيدة الحمى للمتنبي الخميس مايو 24, 2012 3:37 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة "وصف الحمى" للمتنبي
مَلُومُكُمَا يَجِلُّ عن المَلامِ * وَوَقْعُ فَعَالِهِ فَوْقَ الكَلامِ
ذَرَاني والفَلاةَ بلا دَلِيلٍ * وَوَجْهِي والهَجِيرَ بلا لِثَامِ
فإِنِّي أَسْتَرِيحُ بِذِي وهَذَا * وَأَتْعَبُ بَالإِنَاخَةِ والمُقَامِ
عُيُونُ رَوَاحِلِي إِن حِرْتُ عَيْني * وَكُلُّ بُغَامِ رَازِحَةٍ بُغَامِي
فَقَدْ أَرِدُ المِيَاهَ بِغَيْرِ هَادٍ * سِوَى عَدِّي لَهَا بَرْقَ الغَمَامِ
يُذِمُّ لِمُهْجَتي رَبِّي وَسَيْفِي * إِذَا احْتَاجَ الوَحِيدُ إِلَى الذِّمَامِ
ولا أُمْسِي لأَهْلِ البُخْلِ ضَيْفًا * وَلَيْسَ قِرًى سِوَى مُخِّ النَّعَامِ
وَلَمَّا صَارَ وُدُّ النَّاسِ خِبًّا * جَزَيْتُ عَلَى ابْتِسَامٍ بِابْتِسَام
وَصِرْتُ أَشُكُّ فِيمَنْ أَصْطَفِيهِ * لِعِلْمِي أَنَّهُ بَعْضُ الأَنَامِ
يُحِبُّ العَاقِلُونَ عَلَى التَّصَافِي * وَحُبُّ الجَاهِلِينَ عَلَى الوَسَامِ
وَآْنَفُ مِنْ أَخِي لأَبِي وَأُمِّي * إِذَا مَا لَمْ أَجِدْهُ مِنَ الكِرَامِ
أَرَى الأَجْدَادَ تَغْلِبُهَا كثِيرًا * عَلَى الأَوْلادِ أَخْلاقُ اللّئَامِ
وَلَسْتُ بِقَانِعٍ مِنْ كُلِّ فَضْلٍ * بأَنْ أُعْزَى إِلَى جَدٍّ هُمَامِ
عَجِبْتُ لِمَنْ لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ * وَيَنَبُو نَبْوَة القَضِمِ الكَهَامِ
وَمَنْ يَجِدُ الطَّرِيقَ إِلَى المَعَالي * فَلا يَذَرُ المَطِيَّ بلا سَنَامِ
وَلَمْ أَرَ في عُيُوبِ النَّاسِ شَيْئًا * كَنَقْصِ القَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ
أَقَمْتُ بأَرْضِ مِصْرَ فَلا وَرَائي * تَخُبُّ بِيَ الرِّكَابُ ولا أَمَامِي
وَمَلَّنِيَ الفِرَاشُ وكَانَ جَنْبِي * يَمَلُّ لِقَاءَهُ في كُلِّ عَامِ
قَلِيلٌ عَائِدِي سَقِمٌ فُؤَادِي * كثِيرٌ حَاسِدِي صَعْبٌ مَرَامِي
عَلِيلُ الجِسْمِ مُمْتَنِعُ القِيَامِ * شَدِيدُ السُّكْرِ مِنْ غَيْر المُدَامِ
وَزَائِرَتي كأَنَّ بِهَا حَيَاءً * فَلَيْسَ تَزُورُ إِلاَّ في الّظَلامِ
بَذَلْتُ لَهَا المَطَارِفَ وَالحَشَايَا * فَعَافَتْهَا وَبَاتَتْ في عِظَامي
يَضِيقُ الجِلْدُ عن نَفَسِي وَعَنْهَا * فَتُوسِعُهُ بأَنْوَاعِ السِّقَامِ
إِذَا مَا فَارَقَتْني غَسَّلَتْني * كأَنَّا عَاكِفَانِ عَلَى حَرَامِ
كأَنَّ الصُّبْحَ يَطْرُدُهَا فَتَجْري * مَدَامِعُهَا بأَرْبَعَةٍ سِجَامِ
أُرَاقِبُ وَقْتَهَا مِنْ غَيْرِ شَوْقٍ * مُرَاقَبَةَ المَشُوقِ المُسْتَهَامِ
وَيَصْدُقُ وَعْدُهَا والصِّدْقُ شَرٌّ * إِذَا أَلْقَاكَ في الكُرَبِ العِظَامِ
أَبِنْتَ الدَّهْرِ عندي كُلُّ بِنْتٍ * فَكَيْفَ وَصَلْتِ أَنْتِ مِنَ الزِّحَامِ؟!
جَرَحْتِ مُجَرَّحًا لَمْ يَبْقَ فِيهِ * مكَانٌ لِلسُّيُوفِ ولا السِّهَامِ
أَلا يَا لَيْتَ شِعْرَ يَدي أَتُمْسِي * تَصَرَّفُ في عِنَانٍ أَو زِمَامِ
وَهَلْ أَرْمِي هَوَايَ بِرَاقِصَاتٍ * مُحَلاَّةِ المَقَاوِدِ بَاللُّغَامِ
فَرَبَّتَمَا شَفَّيْتُ غَلِيلَ صَدْري * بسَيْرٍ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ حُسَامِ
وَضَاقَتْ خُطَّةٌ فَخَلَصْتُ مِنْهَا * خَلاصَ الخَمْرِ مِنْ نَسْجِ الفِدَامِ
وَفَارَقْتُ الحَبِيبَ بلا وَدَاعٍ * وَوَدَّعْتُ البِلادَ بِلا سَلامِ
يَقُولُ ليَ الطَّبِيبُ: أَكَلْتَ شَيْئًا * وَدَاؤُكَ في شَرَابِكَ والطَّعَامِ
ومَا في طِبِّهِ أَنِّي جَوَادٌ * أَضَرَّ بِجِسْمِهِ طُولُ الجَمَامِ
تَعَوَّدَ أَنْ يُغَبِّرَ في السَّرَايَا * وَيَدْخُلَ مِنْ قَتَامٍ في قَتَامِ
فَأُمْسِكَ لا يُطَالُ لَهُ فَيَرْعَى * ولا هُوَ في العَلِيقِ ولا اللّجَامِ
فَإِنْ أَمْرَضْ فمَا مَرِضَ اصْطِبَاري * وَإِنْ أُحْمَمْ فَمَا حُمَّ اعْتِزَامي
وَإِنْ أَسْلَمْ فمَا أَبْقَى وَلْكِن * سَلِمْتُ مِنَ الحِمَام إِلَى الحِمَام
تَمَتَّعْ مِنْ سُهَادٍ أَو رُقَادٍ * وَلا تَأَْمُلْ كَرًى تَحْتَ الرِّجَامِ
فإِنَّ لِثَالِثِ الحَالَيْنِ مَعْنًى * سِوَى مَعْنَى انْتِبَاهِكَ والمَنَامِ | |
|